عطر الوفاء نائب المدير
عدد الرسائل : 123 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| موضوع: القانون العام الاسلامي الجمعة 9 مايو - 16:29 | |
| المبحث الأو ل: المصطلحات القانونية الأصلية في الثقافة الإسلامية الأمة الإسلامية أمة قانون ومدنية م نذ تكوا قبل 14 قرنا، وما الشريعة الإسلامية إلا قانون موضوعه الأساس توجيه الإنسان واتمع، كما معلو م. فبترول الإسلام كان الإعلان أنه دين ت شريع وتنظيم مدني وصناعة حضارة، لكن بأهداف أخروية ومقاصد جامعة بين الحياة على الأرض والسعادة الأبدية، لذلك لم يختلف العلماء في تعريف الإسلام بأن ه: "وضع إلهي سائق لذوي العقول السليمة باختيارهم إلى الصلاح في المعاش والفلاح في المعا د" 1، فنيل الإنسان لمصالحه الد نيوية وسعادته في الآخرة هو جوهر مقاصد الإسلام وأهداف ه. ويتضمن الإسلام مبادئ قانونية سامية ومرنة، وتشريعات كثيرة تغطي كل جوانب الحياة، سواء في مجال التعاقدات والعلاقات الخاصة، أو في مجال الدستور والقانون العا م.. فما هي المفاهيم الأصلية للقانون في الإسلام؟ وما هو المنهج القانوني في الثقافة الإسلامية؟ * المفاهيم الأصلية للقانون في الثقافة الإسلامية : يتمركز القانون في الإسلام على ثلاث مرتكزات أصلية، هي الشريعة والفقه والاجتها د. أولا : الشريعة هي المصدر الأسمى للقانون الإسلامي، والمقصود ا النصوص الثابتة في القر آن والسنة، والتي تتضمن التشريع وتنظيم العلاقات، كقوله تعالى في العقو د: (أوفوا بالعقو د) ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئو لا) وقوله ص: ( لا يحل مال امرئ إلا بطيب نف س )، وقوله تعالى في البيو ع: (وأحل الله البيع وحرم الرب ا) ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منك م )، وقوله ص: (إذا اختلف البائع والمشتري فالقول قول البائع أو يترادا ن )، وقوله تعالى في الحكم والولايا ت: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن . 1 - انظر الدين لمحمد عبد الله دراز ص: 33 تحكموا بالعد ل )، ( فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل ا لله )، وقوله ص: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله [وذكر منه م] إمام عاد ل) وقوله تعالى في الجنايا ت: (ولكم في القصاص حيا ة )، وقوله ص فيها (ادرؤوا الحدود بالشبها ت )، وقوله تعالى في القتا ل: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدي ن) ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليك م )، وقوله ص في ه: (الجهاد واجب وراء كل إمام بر أو فاج ر )، وقوله تعالى في الشور ى: (وأمرهم شورى بينه م )، وقوله ص فيه ا: ( ما خاب من استشا ر) وقوله تعالى في الإر ث: ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأ نثي ين )، وقوله ص في ه: (للجدة السد س )، وقوله تعالى في الزوا ج: (وآتوا النساء صدقا ن )، وقوله ص في ه: ( لا تنكح البكر حتى تستأم ر).. وقوله تعالى في حكم الضرر في المعامل ة: (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرو ن) و قوله ص: ( من احتكر يريد أن يغالى ا [أي السلع ة] على المسلمين فهو خاطئ وقد برئت منه ذمة ا لله.).. فمن مجموع الآيات والأحاديث المتضمنة للأحكام تتكون الشريعة، وهي مرجع الفقه والاجتهاد في الإسلام، وهي المصدر الأسمى للقانون الإسلام ي. ثانيا : الفقه وهو الأحكام والقواعد التي استنبطها الفقهاء من الشريعة [أي القرآن والسن ة ]، وذلك بناء على أصول وقواعد علمية تعرف ب [أصول الفق ه ]، ومن هذه الاستنباطات تكونت المدارس والمذاهب الفقهية، كالمذهب المالكي والمذهب الحنفي والمذهب الشافعي والمذهب الحنبلي .. وأحكام الفقه نوعا ن: النوع الأو ل: ما اتفق عليه العلماء، كاتفاقهم على وجوب الصلاة، ووجوب الوفاء بالعقود، ووجوب إقامة السلطة السياسية، وحرمة السرقة والرشوة وجواز الأخذ بالأنظمة الأجنبية في ما لا يعارض نصا قطعيا في الشريعة، وغير ذلك، وهذا النوع يسمى إجماعا وهو حجة قطعية في التشريع، يجب اتباعه بعد انعقاده، مثله في ذلك مثل نصوص القرآن والسن ة. والنوع الثا ني: ما اختلف فيه العلماء، كاختلافهم في اشتراط الولاية في الزواج، وفي تولية من لم يستوف شروط الولاية الشرعية، وفي جواز البيع المصحوب بشرط، وفي حكم بيوع الآجال، وفي الحجر على البالغين إذا كانوا مبذر ين لأموالهم، وفي آلاف المسائل والأحكام التفصيلية. وهذا النوع يدخل في باب الرأي والاجتهاد، ولا يكون ملزما إلا في ثلاث حالات، الحالة الأو لى: أن يقتنع الآخذ به [ من العلما ء] بأن له حجة قوية في الشريعة، فيلزمه العمل به، والحالة الثاني ة: أن يكون الآخذ به [ من غير العلما ء] مقلدا لمن أخذ به من العلماء، الحالة الثالث ة: أن يختاره الحكام ويلزموه للناس التابعين لهم، فيلزمهم دون غيره م. ثالثا : الاجتهاد هو بذل الفقيه الوسع لاستنباط حكم شرعي جديد أو الإجابة على نازلة جديدة لم تقع قبل، فيجتهد فيها طبقا لقواعد "أصول الفق ه". والاجتهاد والفقه متقاربان في المعنى متحدان في الشروط والقواعد، والفرق بينهما أن الاجتهاد " مقدم ة" والفقه " نتيج ة" ، لأن الاجتهاد " بذل الوسع لاستنباط حكم شرع ي "، أما الفقه فهو "المعرف ة" الحاصلة بعد الاجتها د. والاجتهاد أنواع، أهمها ثلاث ة: 1 - فهناك اجتهاد المف تي، وميزته أنه اجتهاد يترتب عليه حكم غير ملزم، وإنما هو اجتهاد للإخبار بحكم الله تعالى في الوقائع، وذلك استنباطا من القرآن والسنة وأدلة التشريع الأخر ى. 2 - وهناك اجتهاد الحاكم والقاضي، وميزته أنه اجتهاد يترتب عليه حكم ملزم لمن يقع تحت دائرة نفوذ ه. 3 - وهناك الا جتهاد التطبيقي، ويسمى "الاجتهاد في تحقيق المنا ط "، ويختص بتتريل الأحكام الشرعية المقررة على الواقع، كالاجتهاد في أنفع السبل للعيش الكريم، وفي أقوم السبل لتحقيق القوة والمنعة في جميع االات، وفي أحسن الطرق لجلب المصالح للأم ة.. ويتميز هذا النوع بأنه ليس اجتهادا ابتدائيا من الشريعة، بل هو اجتهاد في تحقيق ما استنبطه الفقهاء من أحكام، كما قال الشاط بي: "أن يثبت الحكم بمدركه الشرعية، ولكن يبقى النظر في تعيين محل ه" 2، فيكون الاجتهاد لتحقيق هذه الأحكام المحددة في محالها، ووضع الطرق الصحيحة لتنفيذه ا. فوجوب السعي ل تحقيق العيش الكريم، واكتساب أسباب القوة وضرورة جلب أحسن الطرق لنفع الناس وجلب مصالحهم في أبدام وأديام وأقوام وأموالهم، كالطب والصنائع مقرر مسبقا في الفقه الإسلامي من طرف اتهدين، لكن الأساليب والطرق لتحقيقها موكولة إلى أهل 68/ 2 - الموافقات 4 الاجتهاد التطبيقي من الخ براء والفنيين وأهل العلم الديني والدنيوي، وإن لم يكونوا مجتهدين في الشريعة، قال الشاط بي: " لا بد من هذا الاجتهاد في كل زمان، إذ لا يمكن حصول التكليف إلا . ب ه" 3 المبحث الثاني : خصائص القانون الإسلامي قبل العصر الحديث تحصل لدينا مما سبق أن المسلمين – عبر تاريخهم - كانوا ينفذون أحكام القانون بالاعتماد على الشريعة والفقه والاجتها د. ولا بد هنا من توضيح نقطة جوهرية في هذا الصدد، وهي التفريق بين مفهوم القانون الإسلامي قبل الاستعمار الأوربي المعاصر للبلاد الإسلامية، ومفهومه بعد ذل ك. فقبل الاستعمار وطيلة ثلاثة عشر قرنا، كان القانون الإسلامي هو الفقه نفسه، سواء في إطار أوضاع الشرعية الكاملة، أو الشرعية الناقصة، أي سواء كانت السلطة تنفذ الأحكام الشرعية أو تعطل بعضها مما لا يتمشى مع مصالحه ا. لذلك تميزت القواعد المطبقة في الحياة الإسلامية طلية التاريخ الإسلامي بما يل ي: أ - انف صال القانون عن السلطة السياسية إذ الفقه موجود بغض النظر عن الحكومة القائمة وعن أشخاص الملوك والسلاطين، فيقوم الحكام والقضاة والمسؤولون بتنفيذ أحكام وقواعد مقررة قبل وجود السلطة، وباستقلال عنها، فتكون السلطة أداة تنفيذ لهذه الأحكام لا أداة إنشاء لها، ويقتصر دور السلطة فيها على اعتماد مذهب فقهي ما أو الاختيار من الآراء الفقهية الموجودة في بعض الأحيا ن. وقد تقوم السلطة بتعطيل بعض الأحكام التي تخالف أهواءها –خاصة في اال العام - لكن هذا التعطيل لا يلغي هذه الأحكام، من الوجود، بل تظل ثابتة إلى أن تتهيأ الإرادة السياسية للعمل ا. ب - عموم السريان على كل المسلمين في العالم الإسلامي كان القانون الإسلامي ساريا على كل المسلمين في العالم الإسلامي، ولم يكن محصورا في كل دولة دولة، كما هي خاصة القاعدة القانونية في النظام الغربي المعتم د. .68 / 3 - الموافقات 4 نعم قد تقوم كل دولة إسلامية باختي ار مذهب ما وإلزام مواطنيها به، مثل اختيار الدولة في المغرب منذ القديم لمذهب مالك، واختيار الأتراك العثمانيين لمذهب أبي حنيفة، واختيار حكام الحجاز لمذهب أحمد بن حنبل، واختيار بعض سلاطين الشرق الأقصى لمذهب الشافع ي.. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الدولة تختار مذهبا موجودا مسبقا، وثاني ا: أن هذا المذهب يبقى العمل به ساريا وإن لم تدخل بعض المناطق في نفوذ الدولة، كما وقع تاريخيا في قبائل الصحراء وجنوب الصحراء، الذين لم يكن لهم حكم مركزي ومع ذلك كانت تعمل بمذهب المالكي ة. والسبب في ذلك أن المذاهب الفقهية كانت تتبع عل ماء "الجماع ة" أكثر من تبعيتها للسلطة القائمة، ولطالما حاولت السلطة فرض مذهب ما فلم يطاوعها السكان والعلماء، فاضطرت إلى الإبقاء على مذهبهم، واكتفي هنا بذكر مثال ين: الأو ل: أن دولة الفاطميين بتونس [ق 4ه ] فرضت مذهب الشيعة الإمامية على الناس هناك، فقامت ثورات مد نية وأخرى مسلحة، مقاومة لهذا القرار، وانتهى الأمر برضوخ الدولة لاختيار الناس، وأبقتهم على المذهب المالك ي. والثا ني: أن دولة الموحدين فرضت "المذهب الظاهر ي" على المغاربة [ق 7 ه ] لكنها لم تنجح في ذلك رغم قوا، فاضطرت إلى ترك الناس على مذهب مال ك.. ج - قواعد القا نون الإسلامي والقواعد الدينية والأخلاقية لم تفصل القواعد المطبقة طيلة التاريخ الإسلامي فصلا قاطعا قواعد القانون عن قواعد الأخلاق، فبالرغم من أن الفقهاء ميزوا بينهما، حيث ميزوا بين "الجانب الديا ني" والجانب القضائ ي "، فإم جعلوا لكليهما آثارا واقعية، "فقد يصدر الحكم من القاضي فيصبح بذلك عدليا نافذ المفعول، ليبيح للمحكوم له أن يتصرف بمقتضاه فيما حكم له به، ولكنه من الجهة الديانية [وهي ما يرجع للديان ة] لا يكون شرعيا، إلا إذا كان مطابقا لواقع الأمر، والمحكوم له مطالب بأن ينظر لنفسه، فإذا كان الواقع متفقا مع ال قضاء ساغ له أن يستفيد من الحكم وإلا حرم عليه ذلك، ووجب عليه أن ينصف خصمه من نفسه معترفا بالحقيقة على وجهها، والأصل في ذلك قول النبي ص: (ِإن ما َأنا ب شر وِإن ُ كم تخت صمونَ ِإَلي َفلَعلَّ بع ض ُ كم َأنْ يكُونَ َألْ حن ِبحجته من بع ضٍ، َفأَقْ ضي َله عَلى ن حوِ ما َأ س مع من ه، َف من قَضيت َله ِب ش يءٍ من حق َأخيه َفَلا يأْ خ َ ذنَّ منه . شيًئ ا، َفإِن ما َأْق َ طع َله قطْعةً من النا رِ)" 4 ومن أمثلة أخذ الفقه الإسلامي بقواعد الأخلاق والديانة في معرض قواعد القانون، إجراء مسطرة اليمين على المنكر بقوله ص: (البينة على المدعي واليمين على من أنك ر )، ومنه بناء الشهادات على مبدإ عدالة الشهود، أي الاستقامة الخلقية بجانب سلامة العقل ودقة الأداء، ومنه إجراء الطلاق والعتق على نية المطلق أو المعتق، ومنه إبطال الصلح على ا لإنكار بعد تمامه إذا ظهر أن أحد المصالحين ظالم في الصل ح.. والسبب في ذلك أن الأحكام الفقهية هي أحكام شرعية تلزم الإنسان في الظاهر والباطن، لأنه محاسب عليها أمام ا لله. د - الجمع بين الثبات والتطور فالقانون الإسلامي لا يختلف باختلاف الزمان والمكان، بل هو ثابت في أسسه وقواعده الأساسية وأحكامه المنصوصة أو امع عليه ا. وسبب ثباته هو استناده إلى الشريعة التي لا يلحقها تبديل ولا تغيير ( لا تبديل لكلمات ا لله )، وإنما يقع التطور والتغيير في الاجتهاد للمواءمة بين مقتضى النصوص الشرعية وتطور اتمعات الإسلامي ة. ه أساس ال فقه الأبواب الفقهية وعدم الفصل بين العام والخاص ينقسم الفقه إلى مباحث وأبواب فقهية، فيتضمن أبوابا خاصة بالعبادات (الصلاة – الزكاة – الصيام – الح ج.. )، وأبوابا للمعاوضا ت: (البيوع – الشركة – الإجارة – الرهن – الحوالة – الضما ن.. )، وأبوابا للتبرعات ( الهبة – ا لصدقات – الوقف – العمرى – الوصي ة.. )، وأبوابا للأسر ة: [الزواج والطلاق والحضانة والرضاع والعدد والحجر على الأيتام، والمواري ث.. ]، وأبوابا للجنايات [ (أبواب الحدود كحد السرقة والحرابة والزن ا.. )، (أبواب القصاص، كالقتل والجناية على ما دون النف س..) (أبواب التعازير في الجرائم غير المنصوص ة)..] – وأبوابا للقضاء والشهادات، وأبوابا لأحكام الحرب [أبواب الجهاد والس ير] .. . 4 - مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها لعلال الفاسي ص: 12 وتتوزع في هذه الأبواب كل الأحكام الفقهية دون تمييز جوانب القانون العام عن جوانب القانون الخاص، ولذلك أسباب ثلاث ة: 1 - أن تقسيم القانون إلى عام وخاص هو تقس يم عصري في القانون الغربي، أفرزه التمييز بين رقعة الحياة العامة ورقعة الحياة الخاصة عند الأوربيين بدءا من عصر "التنوي ر "، ثم تعمم عالميا تبعا لعموم النموذج الغربي في القانو ن. 2 - أن الفقه الإسلامي القديم يعرف السلطة التي تسهر على تنفيذ القانون بأا مجموعة من "الأفرا د" الذين لهم ولاية عامة لا تختلف في شروطها وأسسها عن الولاية الخاصة، كما أم مخاطبون بالأحكام وواقعون تحت دائرة المسؤولية الشرعية " كأفرا د "، فهم بذلك " مكلفو ن" لا توجد قواعد لتمييزه م. 3 - أن الدولة في الإسلام ليست "سيد ة" ولا تملك تحديدا ذاتيا ولا سلطة مطلقة، ولا تعلو على أحكام الشرع والقضاء كما سنرى، بل تنشأ ولاية الحكومة بمقتضى عقد من عقود المعاملات، فتسري عليها أحكام العقد وقواعد ه. وقد يقا ل: إن عددا كبيرا من المؤلفات الفقهية القديمة قد تخصصت في الأحكام الدستورية وفي المالية العامة وفي العلاقات ا لدولية وفي القانون الإداري وفي مسطرة القضاء والتوثيق، فكيف يقا ل: إن الفقه الإسلامي أساسه الأبواب الفقهية فقط، وأنه لا يميز بين العام والخاص؟ والجوا ب: أن هذا توسع بفعل التطور والضرورة الواقعية، أما من الناحية الفلسفية والمبدئية فلا يوجد هذا التقسيم، ولهذا ا لسبب فإن كتب السياسة الشرعية –مثلا - لا تعالج موضوع الدولة بشكل معنوي مجرد، وإنما عن أحكام قانونية يكون المسئول فيها أو المستفيد منها إما شخص الحاكم أو من يقوم مقامه، وإما الأمة أو من يمثلها من أهل الحل والعقد منه ا. على أن هذا لا يعني الجمود، بل إن الفقهاء والقانونيين المعاصرين قد قاموا بسك مصطلح "القانون الإسلام ي "، بمعنى جديد مساير للمناهج القانونية الغربية ومؤسس على الشريعة، وأعادوا صياغة أحكام الفقه متمشية مع المناهج السائدة، وألفوا عدة مدونات في القانون الخاص والعا م.. المهم أن هذا التقسيم هو مجاراة للمنظو مة الغربية السائدة واقعيا، وليس له منطلقات فلسفية أو معرفية في أصل الشريعة. المبحث الثالث : ظهور مصطلح القانون الإسلامي في العصر الحديث ومعناه وعلاقته بالقواعد المطبقة حاليا * ظهور مصطلح القانون الإسلامي في العصر الحديث ظهر مصطلح القانون العام الإسلامي في أ واخر القرن التاسع عشر من طرف جماعة من المستشرقين والدارسين الغربيين، الذين ألفوا كتبا في النظريات التشريعية والدستورية في الإسلام، الذي ألف كتاب "دراسة SAWAS PACHA بمنظور قانوني معاصر، منهم ساوا باشا Etude sur la theorie du droit musulman " على نظرية القانون الإسلام ي الذي ألف كتاب DUNCAN B MACDONAL 1، ومنهم ماكدونالد سنة 892 DEVELOPEMENT OF " "التطور التيولوجي والقانوني والدستوري الإسلام ي سنة 1892 ومنهم muslm theology jurisprudence and constitutional LE DOGME الذي ألف العقيدة والشريعة في الإسلام G OLDZIHER جولدزيهر Dr V 1، ومنهم فيزجرلد سنة 920 ET LA LOI DE L ISLAM سنة The muhamadism law الذي ألف القانون المحمدي FITZGERALD الذي ألف روح التقدم في CHRISTIAN CHERIFILS 1، ومنهم شريفيس 923 . L isprit de modernite dans Lislam الإسلام وبعد هؤلاء تابع عدد من الباحثين القانو نيين العرب [ خاصة المصريو ن] الذين درسوا في الغرب [ خاصة في فرنس ا ]، هذه البحوث، وحاولوا أن يؤسسوا لصيغ توفيقية بين النظام القانوني اللاتيني وبين النظام القانوني الإسلامي [الفق ه]. من هؤلاء أحمد السقا الذي أعد أطروحة الدكتورا في جامعة باريس سنة 1917 بعنوان La souvrinte dans le droit public الس يادة في القانون العام الإسلامي ،1 وعبد الرزاق السنهوري الذي ألف الدين والدولة في الإسلام سنة 929 ،m usulman وفيه وضع الأسس النظرية لتعريف القانون الإسلامي المعاصروالتفريق فيه بين العام والخاص، وأهم مصادره ومبادئه المنهجي ة. ثم تتابعت المؤلفات في القانون الإسلامي، خاصة بعد سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924 على يد الحلفاء، وطعن بعض الدارسين من أنصار العلمانية في وجود النظام الإسلامي، وألف عدد لا يحصى من الدراسات والبحوث والأعمال العلمية في جميع فروع القانون الخاص والقانون العام، وفي النظريات القانونية والدستورية من منطلق إسلام ي. [ انظر بعض المؤلفات والدراسات في جوانب القانون الدستوري في الإسلام في ملحق هذا امو ع].
| |
|